إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
43087 مشاهدة
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم

باب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة لله ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وقوله تعالى: إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ .
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن إسماعيل قال: حدثنا قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم .
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول يوم مات المغيرة بن شعبة قام فحمد الله وأثنى عليه، وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن، ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام. فشرط علي: والنصح لكل مسلم. فبايعته على هذا، ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل .


الدين النصيحة يعني: النصيحة هي إخلاص المودة، يقولون: نصح العسل. يعني: صفاه وخلصه من الشوائب، والمخلص هو الصافي، والناصح هو المخلص.
النصيحة لله تعالى هي الإيمان به وعبادته، والنصيحة للنبي -صلى الله عليه وسلم- هي تصديقه واتباعه، والنصيحة لأئمة المسلمين يعني: ملوك الإسلام هي طاعتهم في غير معصية وذكر محاسنهم والاعتذار عن مساوئهم، والنصيحة لعامة المسلمين إرشادهم وتوجيههم وتعليمهم.
... تميم الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وجاء البخاري بحديث جرير جرير بن عبد الله البجلي كان من أجلاء الصحابة، ذكر أنه أسلم متأخرا، يقول: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم النصيحة لكل المسلمين، لقنه ذلك حتى يكون مخلصا لكل مسلم، فالنصيحة من الإيمان.
وفي هذه القصة الرواية الثانية كان المغيرة بن شعبة أميرا على الكوفة في العراق فلما مات لا بد أنهم يحتاجون إلى أمير بدله، كان جرير عندهم وكان من الصحابة وكان من أسنهم وأفضلهم، فعند ذلك قام وصعد المنبر وخطبهم حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له. أي: اتقوا الله تعالى واعبدوه وحده لا شريك له، وعليكم بالوقار الذي هو التواضع والتؤدة والتأني، وعليكم بالسكينة التي هي عدم التشويش وعدم الحركة وعدم الكلام الذي فيه ضرر، اسكنوا واحترموا إخوانكم حتى يأتيكم أمير بعد أميركم، حتى يُرسَل إليكم أمير، وكان الملك في ذلك الوقت هو معاوية الذي هو أمير المؤمنين.
يقول: فإنما يأتيكم الآن. يعني: إذا علم بأن أميركم مات فلا بد أنه يرسل إليكم أمير يتولى أموركم، فاسمعوا له وأطيعوا ولا تختلفوا، واصبروا واسكنوا حتى يأتيكم، ثم قال: استعفوا لأميركم الذي مات استعفوا له. يعني: اطلبوا له العفو من الله تعالى قولوا: اللهم اعف عنه فإنه كان يحب العفو، يعني: كأنه كان حليما يعفو عمن أساء إليه.
ثم ذكر جرير يقول: أما بعد: فإني أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أبايعك على الإسلام لما كان -عليه الصلاة والسلام- كلما جاءه من يبايعه شرط عليه شروطا كذا وكذا، يقول: فقال: شرط علي النصح لكل مسلم فالتزم جرير بالنصح لكل مسلم.
يقول: بايعته على ذلك، ثم حلف بقوله: ورب هذا المسجد إني لناصح لكم، ثم استغفر ونزل، فدل على أن النصيحة داخلة في مسمى الإيمان.
نكتفي بهذا والله أعلم وصلى الله على محمد .